مجزوءة المعرفة
مفهوم العلوم الإنسانية
مفهوم مجزوءة
المعرفة:
مبحث من مباحث الفلسفة الثلاث ، يعتبر حصيلة تلك العلاقة الجدلية بين ذات باحثة وموضوع للبحث قصد فهم الذات وإدارك العالم الخارجي، ويمكن تعريف المعرفة أنها ذلك النشاط أو السلوكات العقلية التي تمارسها الذات الواعية بطريقة منظمة من أجل الوصول إلى موضوع المعرفة وإدراكه وفهمه... تشمل هذه المجزوءة ثلاث مفاهيم أو محاور أساسية هي "النظرية والتجربة ، العلوم الإنسانية (وهي خاصة بشعب الأدب) ثم مفهوم الحقيقة.
في هذه المحاور الثلاث سنكتفي بالإجاية عن مختلف الإشكالات
انطلاقا من فيلسوفين اثنين هما "ماكس فيفر وإميل دوركايم" ، لما لهما من
صلة وثيقة بموضوع البحث، وهذه لا ينفي فضل الفلاسفة الآخرين ، إلا أن ضرورة
الاختصار والتكثيف دعت إلى ذلك...
المحور الأول : موضعة الظاهرة الإنسانية
- هل يمكن موضعة الظاهرة الإنسانية ؟
-
هل التجربة هي التي تتم دائما في المختبر؟
-
ما الذي يجعل من العلوم الإنسانية موضوعا للدراسة ؟
إميل دوركايم:
يرى دوركايم أن العلوم
الانسانية تستطيع أن تدرس الظاهرة الانسانية في عمومها ، كما يمكن لها أن تتحدد اتطلاقا
من كونها موضوعا مسقلا كباقي المواضيع الأخرى لاسيما المواضيع والاجتماعية على وجه
الخصوص، بالنظر إليها كشيء مثل باقي الأشياء. وبالتالي تحقيق الموضعة والحياد.
ماكس فيبر:
في نظر ماكس لا يمكن أن تكون العلوم
الإنسانية بمثابة العلوم الحقة ، لذلك فمن من الصعب موضعة الظواهر الانسانية بنفس
الطريقة التي ينظر بها إلى الظواهر الطبيعية، كون الباحث هو نفسه موضوع البحث يتشارك مع الموضوع
في ذلك . ولأن أفعال الانسان لها خصوصية تتميّز بالوعي والحربة والإرادة والقصد، ومنه لا
يمكن أن تكون العلوم الإنسانية بمثابة العلوم الحقة ولا يمكن أن تكون موضوعا للبحث
لأنها لا تخضع لقوانين الدقة والمنهجية ، فهي مكونة من عناصر زئبقية غير مستقرة.
المحور الثاني : العلوم الإنسانية بين الفهم والتفسير
المنهج : هو تلك الممارسة العلمية المضبوطة
والدقيقة والمبنية على قواعد وخطوات صارمة. تهدف إلى فهم الظواهر وتحليلها لإدراك
حقيقتها
في هذا المحور سيحاول الفيلسوفين الإجابة عن العلوم الإنسانية كموضوع بين الفهم والتفسير، بمعنى آخر هل الظواهر الإنسانية قابلة للفهم أم التفسير وفق منهج محدد وقواعد صارمة ؟ من هذا يمكن يمكن أن نتساءل حول :
-
هل
يمكن للظواهر الإنسانية أن تبنى وفق منهج تفسيري محدد؟
-
كيف
للعلوم الإنسانية أن تظل حبيسة أكار تأويلية مبنية على الفهم فقط ؟
يرى دوركايم أنه من
الممكن تطبيق المنهج التجريبي التفسيرعلى الظواهر
الإنسانية باعتباره منهجا ناجعا وفعالا، فما يصدق على الظواهر الطبيعية يمكن له أن
يطبق بالطريقة نفسها على الظواهر الإنسانية. وبالتالي تحليلها سببيا بالبحث عن أسبابها
الثابتة وتكميمها باختزالها في أرقام ونسب مئوية وتعميمها أيضا بتوحيد قوانينها. طبيعة المنهج هي التي تحدد طبيعة الموضوع، بمعنى إذا كان المنهج
التجريبي القائم على التفسير الإكلينيكي للظواهر الإنسانية وفق ما يمليه المنهج
التحليلي ، فإن ذلك يمكن أن يفضي إلى نتائج مضبوطة وأكثر دقة كما هو الشأن في
العلوم الحقة.
ماكس فيبر:
في مقابل ما قال به إميل
دوركايم يرى ماكس فيبر أن العلوم الانسانية مطالبة بالتأسيس لمنهج ملائم مع ماتمليه
طبيعة الظواهر الإنسانية ويتماشى أيضا مع الخصوصية التي تتميّز بها أفعال الإنسان،
هذا المنهج يتمثل في الفهم باعتباره منهجا قائم على التأويل ، يبحث عن
الغايات والمقاصد التي من شأنها أن تيسر الفهم والإفهام كما يمكن للفهم أن ينظر في
الدلالات والمعاني وفي السياقات التي تحمل دلالات لا يستطيع المنهج التحليلي
الوقوف عند دلالاتها.
المحور الثالث : نموذجية العلوم التجريبية
في هذا المحور يمكن الوقوف عند إمكان أن تكون العلوم التجريبية نموذجا يحتذى به في تفسير وفهم الكواهر الإنسانية على اختلاف موضوعاتها . نتساءل في هذا المحور حول :
- هل يمكن للعلوم التجريبية أن تكون نموذجا للعلوم الإنسانية ؟ أم أن ما يصدق على العلوم الحقة لا يمكن قياس الظواهر الإنسانية به؟
يقر إميل دوركايم أن
المنهج التحليلي القائم على التفسير يمكن أن يكون نموذجا للعلوم الإنسانية في
الدراسة الموضوعية . ومنه إذا كانت العلوم التجريبية قد استطاعت أن تحقّق نتائج
دقيقة وموضوعية، فإن العلوم الانسانية مطالبة باتباع نموذج العلوم التجريبية إذا
ما أرادت أن تحقّق نفس النتائج التي حققتها العلوم التجريبية أو الحقة .
ماكس فيبر:
تظل العلوم الانسانية نسبية، لذلك لا يمكن أن تنجح إذا ما اتبعت نموذج العلوم التجريبية، فما يصدق في المناهج التحليلية العلمية الحقة ، لا يمكن إسقاط النتائج المتوصل إليها على العلوم الإنسانية ، لما لهم من اختلاف جذريفي المنهج وفي التصور . ما يعني أن العلوم الانسانية رهينة ببناء نموذجها العلمي الخاص الملائم لطبيعة ظواهرها المدروسة.
0 comments:
إرسال تعليق