الوضع البشري
مفهوم الشخص
مفهوم مجزوءة الوضع البشري :
مجمل الصفات والمحددات والشروط المؤطرة لوجود الإنسان سواء الذاتية منها أو العلائقية أو التاريخية، بمعنى آخر هي كل ما يهتم بدراسة الذات الإنسانية داخل هذا الوجود. تهدف دراسة هذه المجزوءة إلى إدراك ما يتسم به الوضع البشري من تعقيد وتركيب وتداخل، ذلك أن وضع الإنسان في الوجود تتداخله عدة عوامل ومستويات منها.
مفاهيم المفهوم الأول "الشخص "
1 . الشخص : تلك
الذات أو الأنا العاقلة والواعية والحرية والمسؤولة عن كل ما يصدر عنها من أفعال
قانونية وأخلاقية
2 .
الهوية : مبدأ منطقي يحيل على تطابق العنصر مع ذاته ، بمعنى آخر الشيء الثابت في الذات
والذي لا يتغير ولا يضمحِل ، ما يجعل الشيء هو هو.
3 . القيمة : هي كل ما يضاف إلى الشيء أو الفعل أو العنصر فيحدد مكانته بالإيجاب
أو السلب
4 . الضرورة : تحيل
على مجمل القيود والشروط الداخلية والخارجية المقيّدة لحرية الانسان. أو كل م يحيل
دون تحقيق حرية الفرد
5 .
الحرية : قدرة الذات على القيام بالفعل أو الامتناع عنه وفقا لإرادة مستقلة دون قيد أو
شرط.
لا يمكن
استحضار كل الإجابة عن هذه الإشكالات التي سيتم الإشارة إليها في هذا المختصر، لذلك سأكتفي بإجابة ثلاث فلاسفة في
كل محور كاختصار لمجمل الآراء الأخرى؟
المحور الأول "هوية الشخص"
- ما الشخص ؟
- ما هوية
الشخص ؟
-
ما أساس
هوية الشخص ؟
- أين تتحدد هوية الشخص ؟ هل في العقل ؟ أم في الذاكرة ؟ أم في الشعور؟ أم في عناصر أخرى ؟...
1. ديكارت :
تكمن هوية الشخص في
الجوهرالثابت المتمثل في التفكير أو القدرة على استعمال العقل، إذ من خلاله تدرك
الذات ذاتها والعالم المحيط بها، بمعنى آخر أن هوية الشخص تتحدد انطلاقا من القدرة
على التفكير ، فما يجعلني موجود أو ما يحقق هويتي هو استعمالي لملكة العقل
باعتبارها أعدبل قسمة بين الناس ، فبما أنني أفكر إذن أنا موجود .
2. جون لوك
الشخص حسب جون لوك هو ذلك الكائن المفكر والعاقل القادر على التعقل والتأمل، وذلك عن طريق الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة وبشكل مستمر دون حدوث أي تغير في جوهر الذات ومنه تتأسّس هوية الشخص على الشعور أي مجمل التجارب التي يكتسبها الانسان حسّيا والممتدة في الزمن بفضل الذاكرة، فبالأحاسيس يمكن للشخص أن يدرك وجوده ومن ثم تحقيق هويته..
3. شوبنهاور
أكد آرثر شوبنهاور على أن ماذهب إليه ديكارت لا يمكن الاطمئنان له وذلك أن العقل يمكن أن يصاب بالتلف والنسيان أو الحمق. كما أن الشعور أيضا لا يكفي لتفسير الهوية الشخصية ومنه فهوية الشخص تعتمد على الإرادة، أي إرادة الحياة والبقاء، إن الإرادة هي معيار الهوية الشخصية، وذلك لأنها تبقى في هوية مع نفسها، تتحدد الإرادة في: أن تريد أو ألا تريد.
المحور الثاني : قيمة الشخص
- ما قيمة
الشخص ؟
- من أين يستمد
الشخص قيمته ؟
- هل من الطابع
الأخلاقي ؟ أم من مشاركته داخل المجتمع ؟
1. كانط:
يرى كانط أن الشخص يستمد قيمته من امتلاكه لعقل أخلاقي عملي يضفي عليه كرامة داخلية، فما يمتح للشخص قيمته هو طبيعته الأخلاقية . فهو غاية في حد ذاته، غير قابلة للاستعمال، عكس الأشياء التي تظل مجرّد وسائل لها مدة صلاحية محدودة. يعزز ذلك بقوله "تصرف على نحو تعامل فيه الإنسانية في شخصك كما في شخص غيرك دائما وأبدا كغاية وليس مجرد وسيلة" .
2. غوسدروف:
يناقش غوستروف كانط ويرى أن الشخص لا يستمد قيمته من عزلته الأخلاقية أو من انغلاقه على ذاته، بل من قدرته على المشاركة الفعالة داخل المجتمع والاسهام في أنساق التضامن والانفتاح على الآخرين، فلا يمكن اعتبار القيمة معطى أخلاقي محض، وإنما فعل اجتماعي يكتسبه الشخص من خلاله انخراطه داخل المجتمع...
3. موقف هیجل:
يرى هيغل أن الشخص يستمد أو یكتسب قیمته الأخلاقیة عندما یعي ذاته وحریته وینفتح على الواقع الذي ینتمي إلیه، بالدخول مع الجماعة أو مع محيطه في علاقات تعاون متبادلة متنوعة يحكمها الوعي بالواجي الأخلاقي.
المحور الثالث : الشخص بين الضرورة والحرية
- ما الضرورة
وما الحرية ؟
- هل الشخص حر
في اختيار أفعاله ؟
- هل الشخص
مقيد بقيود تحول دون تحقيق حريته ؟
1) سارتر:
يرى الفيلسوف جون بول
سارتر أن الشخص حر في اختيار أفعاله ومختلف تصرفاته ،وذلك بوصفه كائنا
"مشروع" يقرر مصيره بنفسه فالإنسان يوجد أولا في العالم ثم يحدد ماهيته،
بإرادته الحرة. لكنه مع ذلك مطالب بتحمّل مسؤولية اختياراته وتحمّل نتائجها دون
تبريرها باللامعقول.
2) اسبينوزا:
يرى الفيلسوف اسبينوزا أن
ادعاء الانسان للحرية مجرد وهم ناتج عن الجهل بالأسباب والعلل المتمثلة أساسا في
الاكراهات الخارجية والحتميات الطبيعية المتحكمة فيه. ما يجعله شبيها بحجرة تتدحرج
من أعلى القمة إلى السفح دون أدنى قدرة على مقاومة المسار. فهو مجرد ادعاء لا غير،
إذ أنه خاضع لحتميات وضروريات تمليها القواعد والإكراهات الكبيعية والوضعية في الآن
نفسه .
3) فرويد
يرى عالم النفس سيغموند فرويد أن الشخص محكوم من جهة أولى من طرف الأنا الذي يفرض عليه التصرف وفق مبدأ الواقع، و محكوم من جهة ثانية من طرف الهو الذي يفرض عليه اشباع الرغبات والميولات المكبوتة، و من أخرى من طرف الأنا، فالشخص ليس حرا طليقا وليس مقيد بقواعد خارجسة ، وإنما هو ذات خاضعة لشروط تمليها الذات نفسها .
0 comments:
إرسال تعليق