تلخيص مجزوءة الوضع البشري (مفهوم الغير)

 


خالد العسري

الوضع البشري

مفهوم الغير

مفهوم مجزوءة الوضع البشري :

 مجمل الصفات والمحددات والشروط المؤطرة لوجود الإنسان سواء الذاتية منها أو العلائقية أو التاريخية، بمعنى آخر هي كل ما يهتم بدراسة الذات الإنسانية داخل هذا الوجود. هذه المجزوءة دراسة هذه المجزوءة  إلى إدراك ما يتسم به الوضع البشري من تعقيد وتركيب وتداخل، ذلك أن وضع الإنسان في الوجود تتداخله عدة عوامل ومستويات منها.

مفهوم الغير (كل الشعب العلمية والأدبية)

الغير:  تلك الأنا التي ليست أناي، أو تلك الذات الأخرى التي تشبهني وتختلف عّني في نفس الآن

المحور الأول : وجود الغير

-    ما الغير ؟

-    هل وجود الغير ضروري لوجود الأنا ؟

 ديكارت:

يقر الفيلسوف ديكارت أإن الحقيقة اليقينية الوحيدة التي لا تقبل الشك وتفرض نفسها بشكل بديهي هي "الأنا أفكر" أي المنطق الكوجيكو الذي يحدد ماهية الذات في قدرتها على التفكير،  أما وجود الغير فهو مزيف غير قار ، إذن أستطيع أن أثبت وجودي وأدرك الأشياء انطلاقا من التفكير دون حاجة إلى الآخرين، وإن كانوا موجودين فوجودهم افتراضي غير موثوق فيه ومشكوك في وجوده

 هيجل:

يرى هيجل أن وجود الغير ضروري للأنا ومعطى حتمي لا ينفصل عن كونه ضروري ومحتوم  لتحصيل الوعي بالذات، وذلك لأن الإنسان لا يكتمل وعيه بذاته إلا بالانفتاح على الغير ومشاركته في كل أفعاله ، فكل ذات ترغب في نزع الاعتراف بها من طرف الآخرين، لذلك لا قيمة لأي وعي ذاتي منعزل ومنغلق على ذاته، فوجودي رهين بوجود الآخرين.

 جون بول سارتر:

يرى سارتر في كتابه "الوجود والعدم" أن وجود الغير ضروري للأنا لما له من دور دور كبير في تحديد هوية الأنا،  بحيث هو الذي يمنح معنى لوجود الذات، والقدرة على إدراك نفسها الإدراك الكلي. ويمثل سارتر لذلك بمثال يعد ظاهرة

 المحور الثاني : معرفة الغير

-    هل معرفة الغير ممكنة ؟

-   هل معرفة الغير مستحيلة؟

 موريس ميرلوبونتي:

يرى ميرلوبونتي أن التواصل والحوار المتبادل بين الأنا والغير يكشف عن طبيعة الكائن الإنساني ويجعل من معرفته أمرا ممكنا غير خاضع لشروط أو قيود ، وذلك لأنه يزيل عوائق التواصل مع الغير، ويحقق ضربا من المعية الوجودية، وكذا التعاطف والمشاركة الوجدانية بين الناس. إن استثمار التواصل الايجابي مع الغير يفتح مجال الإمكان من حيث المعرفة . بالتالي يكون التواصل هو انفتاح على الغير وإزالة للكلفة و الغرابة عنه، وبذلك لا يبقى غريبا منطويا على ذاته و لا متعاليا عن كل معرفة...

غاستون بيرجي:

لا يقر بيرجي بإمكانية معرفة الغير ، وذلك لأن الحميمية التي تسم التجربة الداخلية لكل إنسان، تجعل وجوده منفصلا بشكل جذري عن الغير، فلا يمكن أن نفهم شعور الآخر أو أن نشعر بنفس الألم في حالة تألمه أو فرحه ، نحن نستطيع مشاركة الغير أفراحه وأحزانه ، ولكننا لا نستطيع الشعور بمقياس ما يشعر به. ولعل هذا ما يوهم الذات أنها تعرف الغير، ويجعل الفرد معزولا في عالمه الخاص بالرغم من كل أشكال التعاطف والمشاركة مع الآخرين إذ يستحيل النفاذ إلى أعماقه أو الحلول محلّه.

جيل دولوز:

إن الغير ليس فردا مشخصا بعينه بل هو بنية أو نظام العلاقات والتفاعلات بين الذوات والأشخاص، يتجلى هذا النظام في المجال الإدراكي الحسي، مثلا فأنا حين أدرك الأشياء المحيطة بي لا أدركها كلها ومن جميع جهاتها وجوانبها وباستمرار، بل أدركها من خلا أنها بنيات مختلفة ، وهذا يفترض أن يكون ثمة آخرون يدركون مالا أدركه من الأشياء، ومن ذلك فالغير سيشاركني إدراك الأشياء، ويكمل إدراكي لها، وهكذا يجرد دولوز الغير من معناه الفردي المشخص، ويضمنه معنى بنيوي يجعل من الغير عنصرا مبنيا يدرك من خلال أنه عبارة عن بنيات مشتركة

 المحور الثالث : العلاقة مع الغير

- كيف هي طبيعة العلاقة مع الغير ؟

- هي يمكن بناء علاقة مع الغير ؟

 أرسطو :  

يرى الفيلسوف اليوناني أريسطو أن تمثل الصداقة  وتسخيرها في المعاملات مع الغير تعد من أسمى صيغ العلاقة مع الغير، فمتى أحب الناس بعضهم بعضا، كان ذلك مجديا في تطوير العلاقة مع الآخرين، ومتى كان الإنسان قادرا على ضم الناس إليه تحت راية الصداقة ، لم تعد هناك حاجة إلى العدل ، لأن قيام "صداقة الفضيلة" بين الناس ـ وليس صداقة المتعة أو المنفعة ـ  تجعلهم في غنى عن العدالة والقوانين التي تمليها مختلف الأنظمة القائمة .

ألكسندر كوجيف:

يرى ألكسندر أن العلاقة مع الغير لا تتأسس على التعاطف والمحبة  أو على التعايش  بل إن هذه العلاقة تقوم على الصراع المتواصل ومبدأ السيطرة والهيمنة والرغبة الدائمة في نيل ، هذا الرغبة في الإعتراف لا تُمنح للذات بشكل سلمي بل ينتزع عبر صراع يخاطر فيه الطرفان (الشخص و الغير) معا بحياتهما حتى الموت، بغرض الانتصار ونيل الرضى الذاتي  على حساب الغير.

جوليا كريستيفا:

تنتقد الفيلسوفة جوليا المفهوم السائد الذي يجعل من الغير كائنا غريبا أو مصدرا للشؤم والصراع ، فهو ليس ذلك القادم من بعيد أوالذي يهدد ماهية الشخص أو تماسك المجتمع ووحدته، ، تلك الوحدة التي ليست سوى غلافا سطحيا يغطي مجموعة من الإختلافات و التباينات ، فينبغي إذن ، أن يكون أساس علاقتنا بالآخر أيا كان هو التفاهم و الحوار و التسامح بدل الصراع والعنف ...

من خلال المواقف السابقة يتبين أن مفهوم الغير هو إشكال فلسفي عميق يحيل على مفارقات حاول الفلاسفة الإجابة عنها انطلاقا من توجهاتهم الفكرية.

ومما يجب الانتباه إليه هو أنه إذا كان ديكارت ينكر وجود الغير ، فإنه بالضرورة سينفي معرفته وإنشاء علاقة معه ، والأمر نفسه يمكن استحضاره عند الفلاسفة الآخرين حيث الذي يقر بضرورة وجوده سيقر بدوره بإمكانية معرفته أو إنشاء علاقة معه . وهذا لتسهيل فهم التلاميذ للمواقف والتعامل معها ، في حالة تعذر الحفظ أو الاستيعاب

شاركه على جوجل بلس

عن issam

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق