خالد العسري
مجزوءة المعرفة
مفهوم النظرية والتجربة
(لجميع الشعب)
مفهوم مجزوءة
المعرفة
مبحث من مباحث الفلسفة الثلاث ، يعتبر حصيلة تلك العلاقة الجدلية بين ذات باحثة
وموضوع للبحث قصد فهم الذات وإدارك العالم الخارجي، ويمكن تعريف المعرفة أنها ذلك النشاط أو السلوكات العقلية التي تمارسها الذات الواعية بطريقة
منظمة من أجل الوصول إلى موضوع المعرفة وإدراكه وفهمه... تشمل هذه المجزوءة ثلاث
مفاهيم أو محاور أساسية هي "النظرية والتجربة ، العلوم الإنسانية (وهي خاصة
بشعب الأدب) ثم مفهوم الحقيقة.
النظرية: هي بناء عقلي خاضع لنظام معين
ذو طابع فرضي تركيبي.
التجربة: هي مجموعة من العمليات التي يتم بمقتضاها إعادة إحداث ظاهرة ما
في المختبر قصد التحقق من صدق الفرضية أو العكس
المحور
الأول : التجربة والتجريب
تعد
التجربة من بين المفاهيم المرتبطة بالحقل العلمي وذلك لارتباطها بالمختبر ،
فالتجربة من الناحية الاصطلاحية هي مجموع الخبرات التي يكتسبها الإنسان في حياته.
أما مدلولها العلمي فيوحي إلى إعادة الظواهر الطبيعية داخل المختبر
-
ما التجربة وما التجريب ؟
-
هل يمكن القول أن التجربة هي تلك العملية التي تتم دائما في المختبر؟
كلود برنار:
يرى برنار أن التجربة ضرورة تفرضها طبيعة المواضيع ، فهي دائما تعد تلك الممارسة الصارمة
التي تتم على مستوى المختبر كونها تشكل مبدأ للتحقق والتأكد من صدق الفرضية أو
العكس، وهي جزء من التجريب كمنهج علمي قائم على أربع خطوات وهي
:1الملاحظة
2: الفرضية
3: التجربة
4: القانون
فمن خلال هذه الخطوات الأربع يقر كلود برنار على ضرورة التجربة في مسار المعرفة سواء كانت معرفة حقة أو غير ذلك.
ألكسندر
كويري:
يشير الفيلسوف كويري إلى الفرق الموجود بين مفهومي التجربة والتجريب، ذاهبا إلى أن التجربة هي معطى خام وملاحظة عامية لم تلعب أي دور في نشأة العلم، بل كانت عائقا محتوما أمامه وذلك لما يغيب عنها من علمية وموضوعية. في حين التجريب هو المساءلة المنهجية للطبيعة، فيفترض افتراضا مسبقا مجموعة من الشروط المنهجية التي تجعله أكثر تنظيما من الناحية العلمية.. يقول فالتجرية بمعنى التجربة الخام لم تلعب أي دور في نشأة العلم الكلاسيكي، اللهم إلا دور العائق...أما التجريب فهو المساءلة المنهجية للطبيعة. ومنه تظهر أهمية التجريب عند الكسندر على حساب التجربة التي نظل قاصرة أمام نشوء العلم
روني طوم:
يؤكد الفيلسوف روني طوم أن المنهج التجريبي أضحى في صيغته الكلاسيكية عاجزا عن فهم الظواهر الفيزيائية المعاصرة (الماكرو والميكرو فيزياء)، بمعنى آخر أن التجربة أضحت قاصرة في فهم الظواهر الطبيعية ، وأصبح من الممكن تعزيز ذلك بفرضيات تختلف باختلاف المواضيع قيد الدراسة، ومنه وجب تطعيم هذه التجارب بافتراضات رياضية خيالية. لذلك يمكن بناء التجربة نظريا في الذهن دون الحاجة إلى القيام بها في المختبر.
المحور الثاني : العقلانية العلمية
العقلانية:هي اتجاه فلسفي يقرّ بقدرة العقل المطلقة على
بلوغ الحقيقة
- هل يمكن للعقل أن يبني الممارسة العلمية وحده دون حاجة إلى التجربة؟
- هل يمكن بناء معرفة انطلاقا من فرضيات ؟ أم أن بناءها يلزم تجارب مخبرية ؟
غاستون باشلار:
يرى باشلار أن العقلانية العلمية تقوم على الحوار الابستمولوجي بين العقل والتجربة، لذلك فإن العلم المستند إلى العقل وحده يفرز عقلانية جوفاء والممارسة العلمية المبنية على التجربة فقط ينتج اختبارية عمياء، فالمزاوجة بين النظرية والتجربة هي من.
إنشتاين:
يرى فيلسوف النسبية أن النسق النظري للعلم المعاصر يتأسس من مفاهيم ومبادئ وقواعد ذهنية محضة باعتبارها إبداعات حرة للعقل البشري ، تمليها طبيعته التي يتميز بها عن باقي الكائنات الأخرى. من هنا فالنظرية العلمية تبنى بناء عقليا خالصا، أما المعطيات التجريبية فهي مطالبة بأن تكون مطابقة للقضايا الناتجة عن النظرية وتابعة لها، ولا يمكن اعتمادها في صياغة النظريات العلمية
روبير بلانشي
يقر بلانشي أنه ليست العقلانية العلمية نزعة اختيارية تقر بأن العقل بمثابة مرآة تنعكس فيها معطيات التجرية،. إنها عقلانية تجريبية تلغي ما قبلها، بحيث تعتبر بأن العقل العلمي يسيعى دائما إلى إثبات وتكييف الوقائع التجريبية مع ما يعرضه ، فهو يراجع مبادئه وقواعده باستمرار، لينزع عنها صبغة القدسية أوالثبات والإطلاقية، وليبقى التفاعل بين العقل والتجرية هو أساس العقلانية العلمية...
المحور الثالث : معيار علمية النظريات العلمية
في هذا المحور يمكن
الحديث عن المعايير التي يمكن اعتمادها للتحقق من أن نظرية ما هي علمية ، بمعنى
آخر ما يجعل من نظرية علمية ، علمية حقا، وماهي هذه المعايير ؟
المعيار : هو مبدأ للفصل
والتمييز ، يموجبه يمكن أن نحدد ما ينتمي إلى مجال معين ، وما لا ينتمي إليه ، أي
ما يجعلنا نقر بمصداقية عنصر معين على حساب عنصر آخر
- ماهي معايير
علمية النظريات العلمية ؟
- ماهو المعيار
الذي بموجبه يمكن الفصل بين نظرية علمية ونظرية غير علمية ؟
كارل بوبر:
يرى كارل بوبر أن معيارعلمية النظرية العلمية يكمن في قابليتها للتفنيد أو التكذيب. فكلما كانت النظريىة قابلة لأن تكذّب أو تفنّد بنظريات أخرى، فذلك مدعاة لأن يكون معيارا لقياس علميتها . هكذا يجب على النظرية إن شاءت أن تكون علمية، أن تكون قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تكذب بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها، ومنه تكون النظرية علمية مادامت تقبل أن تكذب..
يير تويليي:
في مقابل معيار التكذيب والتفنيد يرى بيير توينبي أن معيار علمية النظرية العلمية يكمن من جهة في إخضاع النظرية لاختبارات تجريبية متعددة. فكلما كانت النظرية قابلة لأن تخضع لعدة اختبارات تجريبية ، كلما حملت طبيعة علمية. بالإضافة إلى العمل على المقارنة بينها، كما يتمثل أيضا في اختبارات التماسك المنطقي للنظرية ومقارنتها بنظريات علمية أخرى من جهة أخرى.على هذا الأساس يكون معيار القابلية للاختبار معيارا لعلمية النظريات العلمية..
ألبير إنشتاين:
يرى إنشتاين أن معيار صلاحية النظرية هو في مدى انسجامها المنطقى الداخلي، على
اعتبار أن التجربة الحاضرة بقوة في النظرية الكلاسيكية، التي تشكل معيار المنفعة
الوحيد للفيزياء النظرية، لم تعد تمثل منبع النظرية رغم أنها ترشدنا إلى اختيار
المفاهيم الرياضية التي تستعملها، ولذلك ينبغي الاعتراف بإبداعية العقل العلمي
الرياضي القادر على فهم الواقع بطريقة جديدة انطلاقا من الاستنباط المنطقي السليم
الذي يشكل أساس النظرية المعاصرة، فكلما كانت النظرية منسجمة من حيث التركيب
الداخلي لها، كلما حضيت بتصنيف علمي.
0 comments:
إرسال تعليق